5 مارس 2013

الموت ليس النهاية قصيدة روعة لأبي حامد الغزالي








         قيل أن أبا حامد الغزالي لما أحس بدنو أجله قال لبعض أصحابه: ائتني بثوب جديد، فقال له صاحبه: ما تريد به؟ فقال أبو حامد:سألقى به الملك.فجاءوه بالثوب فطلع به إلى بيته، و أبطأ على أصحابه ولم يعد. فذهب إليه أصحابه يستطلعون نبأه فإذا هو ميت و عند رأسه ورقة كتبت فيها هذه الأبيات:
قل لإخوان رأوني ميّتا                فرثوني،وبكوا لي حزنا
أتظنوني بأني ميتكم                   ليس[1] هذا الميت و الله أنا
أنا في الصور[2] و هذا جسدي         كان بيتي و قميصي زمنا
أنا عصفور و هذا قفصي            طرت عنه و بقي مرتهنا
أنا در قد حواه صدف                لامتحاني فنفيت المحنا[3]
أحمد الله الذي خلصني               و بنى لي في المعالي سكنا
كنت قبل اليوم أناجي ملأ           فحييت،وخلعت الكفنا
و أنا اليوم أناجي ملأ                و أرى الله جهارا علنا[4]
قد ترحلت وخلفتوكومو             لست أرضى داركم لي و طنا[5]
لاتظنوا الموت موتا                انه كحياة وهو غايات المنى
لاترعكم هجمة الموت             فما هي إلا نقلة من هاهنا


[1] يرفض أن تكون الشخصية الإنسانية هي تلك الجثة البالية.
[2] يعني البرزخ بين الحياتين و ما كان الجسد إلا ملبسا خلع.
[3] بالموت تنتهي فترة الاختبار و تبدأ سعادة السعداء.
[4] مجرد رؤية روحية لا كما قد يتبادر إلى الأذهان.
[5] المجيء إلى الدنيا ثم الخروج منها يون بمشيئة الله وحده و لكن في الكلام معنى الاستبشار بما لقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق