6 يوليو 2013

يا ليت ذاك الزمان يعود



      



  عندما أقرأ التاريخ الإسلامي،خاصة تاريخ القرون الأولى للأمة،حقبة بني أمية  و العباسيين  أغمض عيني و أحاول أن أتخيل روعة ذاك الزّمان الغابر،أحاول جاهدا أن أتخيله بكل دقائقه    و صفاته أغمض عيناي لأرى مكة المكرّمة و المدينة المنورة و الكوفة و العراق،أرى قصور الخلفاء البهية و خلفاء أقوياء لا يرهبهم جيش فارس و لا جيش الرّوم،يقدّرون العلم و العلماء فيقربونهم و يدنونهم منهم و يجزلون لهم العطاء.
     
  أغمض عيناي لأرى طرق بغداد و حارات الشام و مدن مصر و شوارع مكة و المدينة وأزقة القيروان مليئة بالنّاس،هذا في تجارته و هذا في فلاحته و زراعته،وهذا في حلقة علم و ذاك في حلقة نحو و أدب،أغمض عيني لأرى الشافعي و الأصمعي و الشّعبي يلقون العلم و الناس من حولهم في تلك الحلقة العظيمة و الجمع المبارك يكتبون العلم بالريشة على ورق الجريد.يجّلون العلم و الأدب، يقدرونه حقّ قدره لذلك فهم يتعبون و ينصبون في طلبه.
    
 
 أغمض عيني لأرى فحول الشعراء تنطلق من أفواههم القوافي تنبض علما و حكمة كأنّها السّهام انطلقت من الأقواس.
    
 أغمض عيناي لأرى المسلمين الأوائل الذين يملأ الإيمان قلوبهم و نفوسهم مشبّعة بحب الله ورسوله-صلى الله عليه و سلّم- يخرجون في جيوش عظيمة تهتز من تحتها الأرض،مدججة بالسلاح مترسة بالدروع محصّنة و منصورة بالإيمان لا بالعدة و العتاد.
     أغمض عيناي لأرى امرأة تستغيث "وامعتصماه"  و أرى المعتصم يجهز جيشا عرمرما لنجدتها،أول الجيش في الروم و آخره في قصره،كل هذا من اجل شرف امرأة مسلمة واحدة استغاثت.انه عصر العزة عصر القوة عصر العلم و العلماء و الشعر  و الشعراء  و الأدب و الأدباء و الخلافة و الخلفاء،عصر جميل  ولى وتركنا و ذهب.
         ثم افتح عيناي لأعود إلى واقع المسلمين المرير،حيث كل شيء تقريبا له قيمة،المغنون و المزمرون و الرقاصون كل شيء إلا العلم و العلماء.زمن فيه كل شيء  و غابت منه العزة و النخوة،زمن فيه كل شعائر الإسلام لكن روحه غائبة.
 ثم أغمض عيني من جديد و آخذ نفسا عميقا و أقول:يا ليت ذاك الزمان يعود.  

0 التعليقات:

إرسال تعليق